كتاب المرونة العاطفية pdf – سوزان ديفيد

منذ أسبوعين

فيما نمضي في دروب حياتنا، لا يبقى أمامنا سوى القليل من الطرق التي نستطيع بواسطتها معرفة المسار الذي علينا اتخاذه أو الذي ينتظرنا. ليس هنالك منارات تحمينا من الارتطام بصخور علاقاتنا الشخصية، ولا نحظى بجنود مراقبة في مقدمة سفينة حياتنا أو رادار في برج المراقبة لمشاهدة المغامرات الخطيرة المحجوبة التي قد تُغرق خططنا المهنية. بدلًا من ذلك، لدينا مشاعرنا – أحاسيس كالخوف والقلق والفرح والسرور – وهي نمط كيمياوي عصبي يتطور ليساعدنا على الملاحة في التيارات المعقدة في الحياة.

الإحساسات، طليعةًا من الغضب الجامح وحتى الحب البريء، هي ردود ممارسات جسدية حثيثة إزاء الإشارات التي تصدر من العالم الخارجي، فحين تلتقط حواسنا معلومات – إشارات عدم أمان أو تلميحات للاهتمام العاطفي أو الدلائل على أننا مقبولون أو مستبعدون بين نظائرها – فإننا نتكلم جسديًّا مع هذه الرسائل الواردة؛ حيث تتسارع دقات قلوبنا أو تتباطأ، وتنقبض عضلاتنا أو ترتخي، ويتركز انتباهنا العقلي على الخطور أو ينسجم مع حميمية الرفقة الموثوق بها.

تحافظ هذه الاستجابات الجسدية “المدمجة” على تناغم حالتنا الداخلية وسلوكنا الخارجي مع الموقف المطروح، ولا تساعدنا على النجاة فحسب لكن على الازدهار أيضًا، وكما حدث مع أورايلي، الضابط البحري بالمنارة، فإن نهج التوجيه الطبيعي بداخلنا، هذا الذي تجيز عبر التجربة والخطأ خلال تطورنا عبر ملايين الأعوام، سيكون أكثر إفادة بأسلوب أكثر حين لا نحاول مقاومته.

إلا أن ذلك قام بتكليف لا يسهل القيام به دائمًا؛ لأننا لا يمكن لنا الاعتماد على مشاعرنا بصورة دائمة، ففي يسير من المواقف، تساعدنا مشاعرنا على أفاد الذرائع والادعاءات، وتعمل كرادار داخلي يمنحنا قراءة أكثر دقة وذكاءً لأحداث الحالة الفعلية. من منا لم يتخطى بهذه الإحساسات الحدسية التي تخبرنا بأن “ذلك الرجل يكذب” أو أن “هنالك شيئًا ما يزعج صديقتي حتى لو كانت تخبرني بأنها على ما يرام”؟

بل في مواقف أخرى، تستحث المشاعر الإجراءات القديمة وتخلط بين إدراكنا لما يصدر في اللحظة الحالية وبين المساعي المؤلمة الفائتة. ربما أن تسيطر هذه الإحساسات ذات البأس علينا تمامًا وأن تحجب أحكامنا وأن تقودنا مباشرة إلى المغامرات الخطيرة، وفي هذه الحالات، قد “تفقد فريضة فرض السيطرة على مشاعرك” وترمي مشروبك في وجه من يكذب عليك، على سبيل المثال على ذلك.